الخميس، 16 ديسمبر 2010

عاشوراء في المدينة القديمة (كوشة الصفار)

 كان ياماكان له قريب وله زمان 
في كوشة الصفار -كبار وصغار 
اتشارك في مهرجان
اسمه الشيشباني 
في ايام عاشوراء
في هذه الايام يتم طلاء  واجهات الدكاكين بالبياض، حتى تأتي السنة على الجميع بالخير  والبركة، واستعد الشارع لإقامة احتفاله  السنوي بمجيء عمال البلدية لبخ رزمة اوراق الصنوبر المعلقة على احدى جانبى المحلات في الشوارع لإبعاد الحشرات والقضاء عليها
واستعد كل بيت في هذه الليلة المباركة بتنقيع الحمص والفول أو شراهما من الدكاكين المجاورة   
وكل امرأة تحاول وتجتهد لإسعاد أسرتها  بتحضير وجبة لذيذة وتسمى "رشتة الكسكاس" حيث كان يتم فرد العجين وتقطيعه يدويا وهذه العملية تحتاج الى تدريب ودراية فهى وجبة كانت صعبة بعض الشيء قبل ظهور"مكينة الرشتة" .......وحنت العجائز روؤسهن وصام من صام تاسوعة وعاشوراء،
وتصبحوا لله بالاستحمام وبالصلاة والدعاء على ان يعود عليهم هذا اليوم  بالبركة ---- وخرجوا الأولاد والبنات لممارسة الطقوس التقليدية لعاشوراء
وكل مجموعة تبداء من زقاقها (زنقتها) وها نحن امام " زنقة بريون "والتي يسكنها في ذاك الوقت عائلة العربي عائلة الشهاوي وعائلة الفلاح وعائلة قاباج والترهوني وتقريبا الثني والبرعي وبيتنا ، "علي " اى الدور الثاني على بيت الشهاوي
وهناك بيت مقفل امامه دالية وشجيرة لبلاب باسقة الطول  والمرتفعة على الواح خشبية مستندة على حافة الحائط متدلية بازهارها البوقية الجميلة تعطيك ثلاثية الوان رائعة بين الازرق والارجواني والاوراق الخضراء تتخللوها انوار صفراء مذهبة  -- انها الشجيرة الوحيدة في تلك الزنقة .
ياقني قني قن ---ياقني حمار ازقن ---ياقن جانا الطبيب –ياقن القيناه يتعشى –ياقن
هذا حوش عمنا** يعطينا واللمنا
هذا حوش بو بشير** فيه القمح والشعير
هذا حوش بوربعية** فيه الخير لي ركبية
العادة العادة بجاه النبي واصحابه
الله لاتقطعلكم عادة
تتطرق هذه الاهازيج الى مسامع تلك المرأة فتنهض مسرعة  لفتح باب بيتها لإستقبال     الشلة البنوتية وتسمح لها بالدخول عبر السقيفة الطويلة الواسعة --- وتلك الشلة  مازلت تغني وتردد
هذا حوش سيدنا **يعطينا وازيدنا
كل الوجوه الصغيرة تحولت اليها ترمق حركاتها وعلامات وجهها ان كانت مرحبة بهم ومبتسمة وغير مقطبة الجبين , وسألت عن امهاتهم وعمن تعرفهم فأغلب البنات من  سكان الأزقة القريبة --  فترتاح قلوبهن اليها هذا وزد عليه اذا ذهبت مسرعة لتحضر ماجهزته لتعطيه  لهن --من نقودأو حمص اوفول
يرددن خلفها وهن مبتهجات
امشت اتجيب اعطيها الصحة
امشت اتجيب اعطيها الصحة
وكل واحدة تتقدم اكثرواكثر واكثر وبيدها الصحن لتأخد حصتها قبل الأخرى عندما توزع عليهن ماجادت به نفسها وهي راضية عن مجيئهن --- واذا لم تفتح بابها وشعرن بوجودها أو ذهبت ولم ترجع يرددن
في غضب شديد ويمتعضن شواربهن  
امشت اتجيب اعطيها الصحة اكلاها الذيب
اكلاها الذيب---اكلاها الذيب 
الرحي امعلقة **والمرأة امطلقة 
ومن بيت الى بيت وهن مخضبات اليدين ومكحلات العيون ومستحمات ومرتديات ملابس نظيفة وجميلة فهناك اعتقاد من يحيك ملابس جديدة في هذا اليوم  يحيك طول السنة ملابس جديدة  وقد قامت امهاتهن بتحفيف شعورهن فاليوم هو يوم عاشوراء ويسمح لهن بمزاولة هذة الطقوس المحببة اليهن .
فهذه مرتدية فستاها السماوي المورد بالبودرة وقد احاكته اختهاالكبيرة لها وعملت لها حزام طويل وحاشيته مشغولة بالكرديلة , والاخرى ارتدت فستانها "القريشة "الأبيض المزهر بالأصفر القيحواني   ,وقد احاكته عند خياطة ماهرة في زنقة المجروح ,وتتباهى به امام الجميع اما اختها ارتدت قفطان "اللبلة ريقة "
الذي توجد به مجموعة من الازرار الذهبية اللامعة على جنب الكتف وقصته "قودي "سكر في المي -- اما بقية البنات في فساتين باصمة مقلمة -- ومزينة بالرقام "والتنتانة "على حاشية الرقبة وحاشية الاكمام  "كم المنفوخ " انها تشكيلة جميلة في ذاك الزمن
اكثرهن مرتديات قباقيب الموضة الإيطاأية التي انتشرت موضتها في ذلك الوقت والثمن من قرشين الى خمسة قروش من كارتون عمك الجنزوري المتجول  -- ويسرن بيها وهن يطقطقن طقة بطقة
   محلاه قبقابي طقة بطقة **ماهوش غالي على ابوي حقه
وتختلط احيانا عليهن شلة أخرى من شارع ثاني ويسيرن مترافقات ويتبعهن بنوتات صغيرات يمسكن بملابسهن وفي ايديهن صحون  من القيشاني المزخرف ويحاولن ترديد  
ماتنشده الكبيرات  من اهازيج  
ياقني قني قن
ياقني احمار ازقن
فتحت حليمة باب بيتهم واستقبلت البنات بترحاب وهي تنادي على امها وزوجة عمها عائشة ----المشغولتين داخل المطبخ بصنع الفطيرة -- فخرجت الأم وسلفتها كل واحدة تحمل معها صحن من الفول والحمص لتوزعه على البنات وهن يرددن
هذا بيت البوبشير **فيه القمح والشعير
هذه حوش بوحولية فية ** الذهب لاركبية 
وما ان بانت أم حليمة وسلفتها عائشة حتى تغير اللحن والبيت وهن مسرورات بقدومهن
امشت اتجيب اعطيها الصحة
امشت اتجيب اعطيها الصحة
وزعت كل وحدة مابيدها مع التحية والسلام الحار وطرح الاسئلة والإجابة عليها في نفس الوقت --  كيف حال امك ؟ان شاءالله كويسة  ياسميرة ؟ جابت والامازال ؟ج--حالها باهي مازال ماجبتش
كيف حال حناك يانعيمة ؟جت من تاجوراء؟ والا لا ؟قوليلها اتسلم عليك خالتي نجمية
باهي حاضر---صحيتوا هذه الكلمة التي اوصت بها كل أم ابنتها ان تقولها بعد ان تنال نصيبها من الحمص أو الفول---  خرجن من الزنقة وهن ينشدن بحماس ---
ياقني قني قن
ياقني احمار ازقن 
وتلتقي هذه الشلل البنوتية بشباب الحي وهم متحمسون يغنون يصفقون ويدقون الطبلة وفي وسط الحلقة يرقص الشيشباني يلف ويدورعلى انغام الطبلة والطقات  الحارة  والتصفيق والتهليل بالجريد ويقوم بأدا حركات رشيقة  وهنا تغرق البنوتات في الضحك والتعليق ويقفن للتفرج على هذاالأستعراض المبهج ولا يشاركن فيه --- فهذا الذي يدعى" الشيشباني" يختار من قبل أبناء الحي والذي يتصف بعدة صفات تميزه عن غيره ممن في عمره فمن صفاته الجرأة والقدرة على اضحاك الآخرين وجلب السرور لهم ورشاقته وجمال  حركاته " البهلاوانية" وسعة باله على مشاكسة الاطفال ، ويتعاونون الشباب بعد طرح الفكرة من احدهم وتقتنع بها المجموعة ، يتم  توزيع المهام فيما بينهم فمنهم من يقوم بإحضار سعف النخيل والليف والجريد وعرجون البلح ليصنع منه عقود--- ومنهم من يبحث عن اللاتين ----الخ  ويقومون بلف الشاب الذي تم اختياره ليمثل  دور الشيشباني  بهذا الليف ويصنعون له عمامة ايضا من الليف ويغطون وجه ,ويعلقون عليه الكثير من القواقع البحرية والبرية وبعض الثمار والنواروعقود صناعية مثل غطاء زجاجات المشرو ب"الاتيني" تتدلى بخيوط مثبتة في الليف
ويصنع له حذاء من ضلف الهندي بعد معالجتها بحرق الشوك وتنظيفها وتربط بخيوط اسباولو -وسعف النخيل ويضع عصاة طويلة في يده لينش بها الشباب والمارة المشاكسين  عندما يرقص  ويلف وتطلب منه الفرقة
 دورة دورة
يافلفول اغدانا فول اعشانا فول
شيشباني فوق حصان **سقد يامولى الدكان

ويجري التنافس بين كل شارع  وآخرعلى كيفية  تزين "الشيشباني"وافضلهم بين الأحياء  ونشاط  الفرقة في الغناء والتصفيق والهرجة والمرجة  وانتصارها على الفرق الاخرى  وابراز قدرتها على تأليف "ابيات مشي حالك "  وسيطرتها على الموقف وترقيص الشيشباني  وتحديها للفرق الأخرى متنقلين من محل الى محل على امل ---------الحصول على المزيد من العطايا وهم  يغنون
شيشباني فوق اجمل** سقد يامولى المحل
شيشباني ياباني
هذا حال الشيباني 
هذا حاله واحواله** ربي اقوي مزاله
ويسمع  صاحب المحل تلك الأهازيج والاصوات المنبعتة من بعيد الآتية نحوه تتقارب   شيئا --فشيئا الى ان تصل امام محله-----فيقف مشدوها وهو يبتسم ويتذكر طفولته التي عاشها في هذه "المدينة القديمة ضيقة الشوارع واسعة القلوب "وتفتح الذاكرة اقفال ابوابها الزمنية والتي هى على حافة جرف النسيان .وينظر بعين الماضي صورشارعه  واصحابه ويتذكر قصصه مع  " الشيشباني "ربما كان في يوم من الأيام هو من لعب هذا الدور الطقوسي وهو يتنهت ويتحسراعلى المشاهد التي تترأى امام ناظريه --على من تزوج منهم وحضر عرسه ومن مات منهم في ربيع شبابه ومن انقطعت اخباره  وعن بنات هذا الحي ؟؟؟؟ من كانت مشاغبة ومن كانت جميلة ومن هف خاطره اليها ولم يخبرها ابدا لان العادات والتقاليد تمنع  ذلك وخصوصا اذا كانت اجبالية أو زوارية فليس هناك أملا... ..... في شيء ----في زمن التقوقع والانغلاق .ويتذكر من اكرمهم من البيوت والمحلات في عاشوراء ومن امتنع عن اكرامهم , وفجأة يستيقظ من اجواء السعادة التي غمرته في تلك اللحظات الخاطفة على صوت:
قيزا قيزا حق القاز*** عسكري والا منطاز
استلقى --- الشيشباني على الأرض
والفرقة تغني
امشي اجيب اعطيه الصحة
امشي اجيب اعطيه الصحة
يمد يده الى درج النقود أولمحفظتة التي هي بجيب "الفرملة" ليخرج منها النقود يفتحها بتأني ------حتى يتأخرأكثر واكثرليستمتع بهذه الأجواء والمشاهد العابرة -- وسلسلة الساعة  تتدلى منها  اه اهههههها—يازمان  ويعطيهم خمسة قروش من الفئة الورقية حمراء متبودرة اللون هذاماكتب الله لهم وهم  --- فرحون بها ويرددون  صحيت –صحيت  و كل عام وانت بخير يتبعهم بنظراته الى ان يختفوا وياتي شيشباني آخر من شارع اخر وهكذا---دواليك الى آخر النهار
اختلط الحابل بالنابل--- وسمع عمك حب العزيز صوت الشيشباني انه يحبه بالرغم من انه لايراه بوضوح  وسماه الشارع "حب العزيز" لانه يترزق ببيع انواع من المكسرات المشكلة في صندوق يحمله امامه منها نوع اسمه "حب العزيز"مع الكاكاوية والبذور المالحة" السمينسة "-- سار مع الركب وابتعدت خيرية  المسكينة "زحفا" على ركبتيها ويديها مرتدية فراشيتها كالعادة  وهي تنظر الى الشيشباني انها لاتستطيع ان تراه ولكن المجموعة سايرتها وفتحوا لها الطريق  لتراه وذهبت معاكسة اتجاه الشيشباني حتى لاتتعرض للرفس ودخلت زنقة "السماوي" كالعادة كل يوم .
الأولاد الذين يبيعون العاشوراء والبرد على يمين زنقة بريون ادخلوا صحونهم العاشورية المرشوشة بالجلجلان واللوز والملونة ابيض و احمر-- او ابيض واخضر بالمنافصة --- الى بيوتهم وهموا بالحاق بالشيشباني .
تقف الشلة البنوتية بعد ان خرجت من زنقة بريون
 لتتفرج على مايجري لكنها لاتستطيع ان تخترق جموع الشباب أو تتقدم للمحل مثلهم فهذه الشلة تتحاشى الجمع الشبابي الغفير وتذهب من حيط اللحيط –ومن زنقة الى زنقة لا تتباعد مثل الشباب – وعليها ان تطبق  وصايا جدتها
امشي من الساس للساس **ماتقعديش لوبانة في فم  الناس –
وامشي من الظل للظل** مايقولوش عقلك مختل
وامشي من حيط الحيط **باش اكون عندك صيت –
يسرن وهن مبتهجات مسرورات بذلك اليوم وتلك الحصيلة من الفول والحمص و مسترسلات في الغناء ودق ابواب المنازل فهذه "طقطاقة الباب " على شكل حلقة صفراء لامعة للطرق  عليه وطرد العين على المنزل وهذه على شكل خميسة يد نحاسية انها جميلة ---ويبدوء  ان صاحب المنزل ميسور الحال واحدة فقط من بينهن  تستطيع ان تصل الحلقة --والباقية مازلن صغيرات ---   يتقدمن الكبيرات ويدخلن "زنقة البدري "بعد ان غادر الشيشباني المحل   
 وهن ينشدن ويكررن الأهازيج
 ياقني قني قن
ياقني حمار ازقن
ياقن جانا الطبيب ياقن القيناه يتعشى
تسمع نساء الزنقة هذه الأهازيح ففتحت جميع ابوابها في مرة واحدة  
منزل عريبي وابوذيب وتقريبا ---الخ الصويح
لأعطائم النقود والحلوى والفول كل حسب استطاعته ورغبته
تغني البنات كالعادة امشت اتجيب اعطيها الصحة
 امشت اتجيب اعطيها الصحة
صحيتوا صحيتوا صحيتوا
 العادة العادة لاتقطعلكم عادة بجاه النبي واولاده
ايوالله---- يابنياتي
العقبة اللداير  
ربيعة وسالمة وووواسيا  يرافقن بنات زنقة بريون
الى زنقة الشيخة زينوبة
الزنقة التي ولد بها مطربنا الرائع "سلام قدري "
اخو المطرب القدير محمد الجزيري   
استمر الغناء والترديد  
ايه الفول اعشانا فول
يافلفول
ياقني قني قن 
كما استمر الشباب في الرقص والغناء ويتبعهم من تستهويه الفرجة والإبتهاج  فها قد وصل شبوب يجري انضم اليهم  انه مطرب المستقبل  صاحب الأغنية المشهورة "منديلها الوردي  "كان في دكان ابيه

ويرددون
شيشباني ياباني
هذا حال الشيباني
تلتف الفرقة حول الشيشباني امام الكوشة عمك الكواش"على"
وبأعلى صوت وحركات رشيقة ورقص استعراضي "اجنن "
شيشباني داير دوشة **سقدنا يامولى الكوشة
شيشباني يا باني** هذا حال الشيباني
يضع عمك الكواش "الكوريك " الذي يرمي به الخبز جانبا وينهض للبحث عن مفتاح صندق  النقود الورقية ولكنه تأخر ولم يجده, انتهز الشيشباني هذه الفرصة واستلقي على الارض
والكل يغني  
 امشي اجيب اكلاه الذيب
امشي اجيب اكلاه الذيب
ولكن عمك  الكواش طيب القلب ولين  الطباع , ضحك واعطاهم نقود من القروش الموجودة امامه وملاء قفة ناصر بالخبز"الكامونية "بالكمون الأسود و خبزة  "المحور" وقال لهم سامحوني كل عام وانتم بخير
صحيت ياعمي  سامحنا
شيشباني ياباني ***هذا حال الشيباني
هذا حاله واحواله**** ربي اقوي مزاله
تقدم الموكب نحو ذلك الرجل الكبير السن الذي يبيع في "القراشة " الفحم والكيروسين
وبقايا من مراوح ومكانس من الجريد معلقة وكان مشغولا بتلاوة  القرآن الكريم
وقفت فرقة الشيشباني أمامه وبدأت تتحرك لتحلق بحلقة واسعة  على الشيشباني وترقص وتدق الطبلة وترقص الشيشباني وهي تغني
شيشباني يبي امعاشه** سقد يامولى القراشة
 شيشباني على الكماشة** سقد يامولى القراشة
نهض ذلك  الشا ئب وهويرتعش ويتعثر -- وتعثر في بلغته الصفراء , باحثا عن نظارته ليميز النقود  بعضها من بعض وفتح باب دكانه الضيق الذي لا يحتمل وجود اثنين معا
"وهو يقول لهم خودوا شن يعجبكم "ضحك المسئول عن حمل البضاعة وقال له" تعرف ياعمي الحاج ماعندنا مانديروا "بالقراشة"
رد عليه عمك الحاج اللي موش اهوين
 "ماكم اتصيحوا وتقولوا"
 قيزا قيزا حق القاز**عسكري والامنطاز"
   
اعطاهم مجموعة من النقود المعدنية المتنوعة والتي لم يعدها وهو يقول "لنفسه مش وقته بينه صدقة على الصغار"وملاء لهم شيشة "رنجاطة قاز" وقاللهم بالك تستحقوها ياولاد :
اخدوها وردوا عليه صحيت بالك:
عدلوا في اتجاههم وهم فرحون صحيت صحيت
امشي اجيب اعطيه الصحة
ازداد عدد المتفرجين والمشجعين للشيشباني
اكتظ الشارع وبدأت الحركة بصعوبة وعناء امام مقهى عمك البتي والذي كان يعرف بمقهى مرسال قديما
قفز الشيشباني قفزة عالية ودار بعصاته وهو يرقص والجماعة تتداعك على تشجيعه  فهذا يلوح بكلتا يديه والآخرين بالجريد وهم ينشدون والأطفال من بينهم يتقافزون ويرددون مايسمعون
سقد ياعمي القهواجي **شيشباني فيك اراجي
شيشباني اخداته سهوة**سقدنا يامولى القهوة
 امشي اجيب اعطيه الصحة
اكلاه الذيب اكلاه الذيب 
القهواجي غير موجود وضع عصاة على الباب علامة مغادرته المقهى لانه يوم عاشوراء واغلبية المترددين على المقهى صائمين
هذا حاله واحواله **ربي طيح مزاله
وسار الى الامام فالدكان الذي بجانب المقهى  فهومقفل ايضا ان شاء الله خير
"قالوا يحضروا في المواسم ولعياد في بلادهم سوق الجمعة "
تجمعت الفرقة امام زنقة زعطوط  بعد ان مروا بزنقة القاجيجي ولحقوا بهم شباب آخرين واطفال صغار وهم يتاجارون ويركضون  وراء "عمك جميل"
 ويهتفون
جميل جميل—جميل يبي امرأة
يبيها يبيها-- مايخدم كان عليها
نهرهم عمك حسونة الذي خرج من بيته وهوأول بيت في ناحية الزنقة يسارا – ليذهب الى " المقهى " الذي يعمل فيه وقال لهم اذهبوا مع الشيشباني اللعبوا  بدلا من السخرية على عباد الله
التحق جميل بالفرقة وربط حزامه وبدأ --يرقص مع الشيشباني
وجميل هذا كانت بعض منازل المدينة تستعين به في اعمال المنزل منها الصابون ويتبركون به  انه رجل درويش" مرابط "على باب الله  أويكلفونه  بشراء بعض الاغراض والحاجيات من الدكاكين المجاورة لان المرأة في ذلك الوقت *محجوبة مرتوبة * كما يقولون  لاتخرج للاسواق .
النساء والبنات يتفرجن من فوق الأسطح ومن الشرف "القلالية " المستورة فهذه خديجة ونفيسة وعائشة ---الخ في حين
دارت الفرقة امام دكان عمك سالم وهي تهتف وتغني
 شيشباني فوق اجمل***سقد يامولى المحل   
شيشباني فوق حصان **سقد يامولى الدكان
 لم يكن صاحب المحل موجودا ولكن هناك رجل مربوع القد تبدو اثار النعمة على محياه واضحة جالس على كرسي يتحدث مع احد رجال الشارع المهمين والمعروفين عمك" الوراق" –هذا الرجل الغريب  ابيض  الوجه عريض المنكبين يضع نظارات ذهبية على عينيه  ويرتدي  بزة  افرنجية بنية اللون  وطربوش استنبولي  لابد انه رجل مهم ويمسك منصب في الحكومة  لم تتحرك الفرقة من مكانها بالرغم من انها تدرك ان عمهم سالم غير موجود وباب محله مفتوح وحزمة الخشخاشة معلقة على جانب باب المحل --- وبدأت الفرقة  في مضايقة هذا الرجل الغريب عن كوشة الصفار
اسلقى الشيشباني كالعادة على الأرض
قيزا قيزا حق القاز** عسكري والا منطاز
امشي اجيب
وخاف هذا الرجل من تكملة البيت واستحى من صاحبه الذي بجانبه ---ماذا يقول عنه وانه غني عيب –مايصح --وبدأ بأخراج تيزدانه الجلدي مغربي الطرازوالفن --مطرز بخيوط حريرية لماعة . على ما اظن انه اتى الى بيت  الحاج  المغربي ولكن يبدو ان خالتي فاطمة موجودة لوحدها وعليه ان يجلس هنا حتى يأتي الحاج المغربي –مد يده  وبرشاقة يد الغني في عدَ النقود- خطف خمسون قرشا  من المحفظة "وهو يتمتم صدقة على الحاجة حلومة اميمتي"
هي بتموت مرتين --لا معليش أولها عاشوراء ميتة
فرح الشباب بهذا المبلغ واتمو البيت امشي اجيب اعطيه الصحة
صحيت ياعمي الباشا صحيت
شيشباني اتلقى امعاشه
خرجت مجموعة من البنات من زنقة زعطوط  وهي تغني
 ياقني قني قن
ياقني حمار ازقن
وما ان رأت هذا العدد الغفير من الشباب حتى توقفت عن الحركة والسير وبدأت تتفرج
على الشيشباني وهو يستعرض في عروضه ورقصه ونهض الزاوي يصيح والمجموعة تردد--- ايه الفول اعشانا فول اغدانا فول يافلفول
دورة دورة يافلفول
يلوي الشيشباني العصا بشكل دائري ثلاث لويات متتالية --ترجع جموع المتفرجين الى الوراء خوفا من  ان تصلهم عصاته , وخصوصا البنات ابتعدن خطوات داخل الزنقة امام بيت القبرون بيت   
 ابلتهم المحبوبة القديرة لطفية , فتحت-- جودية الباب بعد ان سمعت الدوشة للتفرج  على مايحدث وقفت البنوتات ينتظرن سير الشيشباني الى الامام حتى يتخدن الإتجاه المعاكس  لسير الشيشباني 
وهل هذه ايضا زنقة المطرب على القبرون صاحب الأغنية التي استخدمت فيها الزكرة لأول مرة ولقت نجاحا كبيرا ؟ 
وين عدى وين ** رانا لشبحه مشتاقين
ياعيوني 
صاحت الفرقة صيحة قوية ودورة دورة يافلفول
في الوقت الذي اقفل فيه عمك السكلستي بابه دخل الزنقة قاصدا  شارع
"سيدي عمرا ن"
اخلى الشباب الطريق بعد جهد جهيد لعربة الجيلاطي المزخرفة .
المغرية بالرسوم الجيلاطية  الملونة ** للتتقدم الى الأمام وصاحبها يصيح -----جيلاطي بوظة  يابوظة بعد ان كلفوه بدفع ضريبة عاشوراء وهم يهتفون
شيشباني بالخلاطي **سقد يامولى الجيلاطي
شيشباني شاطي باطي ** سقذ يامولى الجيلاطي
  وضحكوا الاولاد على صاحب الجلاطي وهم يعلقون على كلمة  " بوظة "ايوههههههه شوره اسمعها في فيلم النصر --اثقف في نفسه بالمصري ههههههههه

يسير الركب حتى يصل الى ساحة جامع بن موسى
اي الفول اعشانا
شيشباني ياباني**هذا حال الشيباني
تتفرج النساء من فوق الأسطح ومن الشرفات "القلاليات "المستورة "بشباك عين الزرزور"  على العروض القائمة امام الجامع و قد تتساقطت قطرات من الزهر والعطر انها احدى الحاجات تكرمت ببخ الزهر والعطرعليهم وترمي في حلوة الشكار للصغار --وهى تتمتم بالصلاة على  النبي صلى الله عليه وسلم ماشاء الله اللهم يجمعنا احني وياهم في جنات الخلد والنعيم ياكريم يارب ,تعبيرا منها عن المشاركة الوجدانية بعاشوراء  .
 بينما يبتديء العرض ويرقص الشيشباني تخرج جموع المصلين من الجامع ومعظمهم من كبار السن ويخترقون الجموع  الشيشبانية حتى يأخذوا طريقهم يمينا ويسارا . ويسيطر الشيشباني على الموقف ويعيد الحلقة من جديد ليعرض عروضه على الخارجين الذين اخدوا في تشجيعه انه يمثل شارعهم وعليهم مساندته  والرفع من معنوياته وتقديم العون اللازم له من النقود لحق القاز     
رقص الشيشباني بعصاته الطويلة
 الشيشباني يبي فلوسه** سقد ياجامع بن موسى
شيشباني اعطوه فلوسه **اللي صلي في جامع بن موسى
وتتأهب
الأغلبية الخارجة من الجامع للبحث عن نقودها في الجيوب فهذا متحرز على  نقوده  مابين طاقية البسكل والمعرقة ناصعة البياض وقد تدلى منها  زر البسكل   المتحرك   انزلها وقلبها على راحة يده واخد ثلاث ورقات من فئة الخمسة قروش الحمراء الموردة واعطاها بسرعة واعاد البسكل على رأسه والزر يميل ويتمائل تبعا لهزة وحركة رأسه  يمينا ويسارا ,وانسحب وهو يدعوا لله ان يرأى ابنه يلعب مثلهم في السنين المقبلة انه رأس ولد بعد سبعة بنات – وابنته الاخيرة سماها حدهم .
والأخرمد يده الى الزبون من تحت جرده الناصع البياض على مايبدو انه شيخ ومقامه كبير ليس غريبا على هذا الشارع  انه حي العلماء  والشيوخ  الذين درسوا في الازهر . والصحفين والكتاب والمطربين والموسيقين والقصاصين –وكبار رجال السياسة  على مر العقود الماضية  ----   واخرج ماكتب واعطاهم النقود باليمين واخفاها عن اليسار -----وهكذا الحال مع البقية.
والشيشباني
استلقى الشيشباني على الأرض  ليكافيء من اعطاهم امشي
 اجيب اعطيه الصحة
فاليوم عاشوراء والدعوة مقبولة والخوف كل الخوف من "الدعاءالشراني "
توقف الطق على الطبلة وتبعثر الجميع ليشربوا من حنفية الجامع ويغسلوا وجوههم واطرافهم وهناك من هاديه---- ربه توضا داخل الجامع وصلى صلاة الظهر ولحق بعد ذلك بالفرقة--- ساعة لله وساعة لعبد الله
اشار صاحب محل الجزار  الى من يحمل النقود والبضاعة ان يأتي اليه ليعطيه ماكتب ---بعد ان سلم عليه وسأله عن جدته والتي هي خالته اعطاه ورقتين من فئة العشرة قروش الخضراء  وخمسة قروش لخالته صدقة -- اتبحبحواالليلة يعطيكم الصحة ناشطين --
استرتوا اوجوهنا-- جماعة كوشة الصفار—الله يستر وجوهكم  
صحيت ياعمي صحيت وخرج من الدكان ,--وتشجع جاره ودخل واخرج من الدرج عشرة قروش خضراء ومجموعة من الخمسة مليمات والزوز مليم ومدها  لصاحب الشأن حيث وضعها في الكيسة المخصصة لهذا الغرض. 
   صاح رئيس الفرقة هيا هيا  هيا بسرعة لم تعد تكفي طبلة واحدة زادوا طبلة اخرى واستعانوا بشاب اخر من زنقة العريفي شاركهم في هذا العرض :
شيشباني ياباني **هذا حال الشيباني
هذا حاله واحواله** ربي اقوي مزاله
و وهم يغنون
شيشباني حلال قروشة **قهواجي وبقال وكوشة
شيشباني فوق حصان **سقد يامولى الدكان
وصلوا الى زنقة بورقيقة
تقدم احدهم  ليدخل الزنقة لحق به الآخرمسك به وجره من قميصه وقال له "لا ماتفقناش انخشوا للزنق --الزنق للبنات اطلع واحني لينا الشارع بطوله وعرضه والمحلات .......
وامام مكتب بن موسى استعرض الجمع الشيشباني  فنونهم ورقصاتهم ودورة دورة يافلفول ......الخ وكان هناك داخل هذا *المكتب الضيق في مساحته والغني بذكرياته المجوهرة الثمينة -هذا المكان الذي تتردد عليه وجوه البلاد بأستمرارمن كبار الصحفين والكتاب والأدباء والعلماء والفنانين والموسيقين ---والرياضين ايضا أنه جوهرة شارع كوشة الصفار وقلبها النابض -- خرج من بين المجموعة التي تجلس بداخله شخص وقف يتفرج ويدقق ويسجل في ذاكرته ادق التفاصيل لايترك صغيرة ولا كبيرة ولا "شاردة ولا واردة "كما يقولون  --أنه الشاب الذي درس في  مصر اذهل عقول الجميع بقدرته وبراعته انه الكاتب المبدع والخطيب المفوه والصحفي البارع على المصراتي واصبح اسمه على كل لسان  , كان يتحدث  مع محمد بن موسى  ربما على مسألة  الترشيح في مجلس النواب ---- وهناك يجلس فاضل المسعودي يستمع  ---لمن ؟ لا ادري .دخل لطفي بن موسى ليقول لأبيه ان هناك من ينتظره في البيت :دخل كاظم نديم ذلك الملحن الذي كان ومازال صدى الحانه ترن في الذاكرة وتطرب لها الاسماع ,المذيع الذي اثراء الاذاعة الليبية بنشاطه وبرامجه العديدة منها ركن الهواة والذي كان له الفضل في استقطاب االعديد من الفنانين والمطربين لهاومن هذا الشارع
لقد هزني سيل الذكريات الرائعة وتدفقها والهتني .
عن متابعة الشيشباني وهو يصيح
شيشباني طق الباب **اهني كل الكتاب
شيشباني والياسمين **اهني كل الفنانين
شيشباني غسل اطرافه **سقد يامولى الصحافة
رقص ودار واللتوى عدة مرات والجموع تتمائل معه انه فهلوي وبهلاواي متمكن وموهوب .
-نهض الشيشباني من على الأرض بعد ان حن عليه واحد من جمهور المارة والشرطي الذي يتبع الشيشباني واعطاهم رزمة نقود "ان شاء الله خير شوره صاحبنا حلم حلمة شينة"يالطيف ان شاء خير" خير تلقى شر توقى" 
ان شاء الله خير **حلمك بشجر وغدير 
الزكاة والصدقة في عاشوراء باهية يضاعف اجرها ميئات المرات
وعادة-- رش المياه في الشوارع
 دورة دورة يافلفول اعشانا فول اغدانا فول ايه الفول
رقص الشيشباني وعاد الى البيت الأول بعد ان شاهد محل الساعاتي وهو يريد ان يخرج وبعد ان وجد باب حوش بوطة مغلق ياربي "موش من العادة يطلعوا ويسكروا حوشهم غريبة رائحة العطر اتفوح حسه كيف امقطرينه غريبة"
طق طق طق ---طرق احمدالباب عدة مرات ---- رد عليه جمعة -بلاش اهبال  وتزنزين زايد ماتشوفش في القفل امسكر من بره ؤبعدين قتلك الف مرة الحياش للبنات "

لف الشيشباني بسرعة على الساعاتي واستعرض عضلات الفرقة ومقدرتها في الرقص والغناء ولكن الساعاتي مستعجل جهز النقود منذ ساعتين انه صائم ولا يتحمل الدوشة
مد لهم النقود وحيوه على كرمه اخذ قراطيس الحلوى معه ليوزعها على اولاده ويفرحهم  بها واولاد زنقته   
امشي اجيب اعطيه الصحة
امشي اجيب اعطيه الصحة
استمر الطرب والضرب والضجيج المحبب امام محل عمك سليما ن اعميتش---
؟؟؟؟؟؟؟؟
صاحت وتعالت اصوات  كلاب عمك الرقيعي مخلوعة من الدوشة نبحت الكلاب نبحت نبحت  عوت القطط عوت  ----اقترب الموكب من الزنقة زادت الكلاب في النباح قدم  عمك الرقيعي مهرولا مخلوعا , من جهة باب الحرية  حاملا قفة العظام كالعادة كل يوم لكلابه والقطط ----الى الشيشباني وهو يقول له "رعشتوهم ربنا يهديكم ياشباب وهم يرددون
.

شيشباني فوق الباب **سقد يامربي  لكلاب
وعمك الرقيعي هذا تخصصه تربية ورعاية الكلاب "الرفق بالحيوان "الى ان وجد ذات يوم  ميتا والكلاب من حوله تبكي وتنين وتتلوع على موته --- بعد ان تغيب وفقده الحي مدة ثلاثة ايام ----وهاجرت القطط المنزل الى البعيييييييييد والى الابددددد  

 وضع عمك الرقيعي القفة جانبا واعجبه رقص الشيشباني وبدأ في التشجيع ايه ماشاء الله عليكم منورين صحيتوا ولكن خودوا حصتي المخصصة لي من اللحم اعطاهم القرطاس الرمادي وضعه المسئول في القفة
وانشد الجميع امشي اجيب اعطيه الصحة
هنا خرجت زهرة تتفرج على اليشباني وذهبت الى زنقة حواء علجية مع بنات جيرانها   
 لتسبق الشيشباني قبل ان تحصل في  الزحمة القادمة 
لحقت بها قميرة من زنقة الحواء علجية تريد ان تشتري حمص من دكان عمك سليمان
وخرجت فرقة بنوتية رقيقة الصوت جذابة المنظر سريعة الخطاء من زنقة الحواء علجية انسحبت بسرعة الى زنقة بن موسى قبل ان يصل الشيشباني ويسد زحامه الشارع والزنق المجاورة
 وهي تردد
ياقني قني قن
ياقني حمار ازقن
ياقن جانا الطبيب ياقن القيناه يتعشى ياقن خبزة واللحم ياقن..... تباعدت اصوات البنات
واختفت تماما رؤيتهن
وطغت عليها اصوات الأولاد والتلعليع المتواصل  وصدعت اصوات الفرقة الشارع  
وصارت ربكة امام زنقة حواء علجية هذه الزنقة المذكورة في التاريخ على اسم محضية من محضيات يوسف باشا القرهمالي  وتتميز بقوسها العريض ومظلمة توحش القلب بعكس زنقة بورقيقة المشروحة والتي تسبح فيها اشعة الشمس صباح مساء --واللي فيها اعريفتنا
 ياعرفتي ياودة ***سرحيني نتغدة
وراس احميدة واصغاره **واللي ساكن في الحارة
فهده كروسة قادمة تريد ان تركن امام بيت الرائس ولكنه شارع ضيق والزحمة اربكت السائق الذي افلت عينيه في الشيشباني وبدل ان يقف امام البيت انعطف  ناحية  اليسار في زنقة حواء علجية وترجلت منها ثلاث نساء واحدة ترتدي فراشية "ومتبنبكة" والاخرى بيشة وقبوط ربما تكون ابلة كميلة ولكن ابلة كميلة عندها سيارة من تكون  ؟ الله اعلم - وفتاة في الحادية عشر جميلة جدا  نزلت وهي تحمل الصائبة بين يديها في  " سبات" مطروحة عليها بخشة مطروزة بالكاناويشة   متعددة الالوان والازاهير رسوماتها جذابة انها بحق جميلة جدا وشغلها  اليدوي رمز الفن الرائع --  وبداخل السبات وضعت --  اشياء لاشك  مثل السكر واللوز والشاى أو الكعك او العبنبر وزوجاجة روزاطة " لا بد ان حوش الرائس عندهم مناسبة واقاربهم يأتون اليهم لتهنأتهم –"انه بيت الرائس كان له شنة ورنة "  في ايام  العهد التركي    
رجعت الكروسة متجهة الى باب الحرية بعد محاولات شاقة والاولاد يهتفون شيشباني ياباني---هذا حال الشيباني
توعكت الكروسة والمارة ينتظرون داخل الزنق المجاورة ولا يجد المرء طريقه الابعناء ومشقة ---ذبة ذبة بين مقبل ومدبر وزحام  ---زحام ---واصتدام يالطيف .حتى تتسع  الطريق فهذه الابلة فتحية ذات الجمال اليوناني الشعر الفاحم والبشرة البيضاء انها مدرسة ممتازة --  لها شكري وامتناني-وقفت تنتظر  وفي يدها اختها السيدة وبجوارها جودية و ربما ستذهب لصاحبتها لطفية في زنقة زعطوط زنقتها زنقة بن موسى التي طبعت فيها جريدة "لرقيب"سنة 1908م
تحت اشراف الشاعر الصحفي محمود نديم بن موسى
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بدأ الشيشباني مابين الزحام في الإستعراض
شيشباني فوفق جمل **سقد يامولى المحل
شيشباني يبي جني ** سقد ياعمي الفقي  
  وقف عمك الفقي سليمان الجبالي ليسقد ذلك الجمع الغفير من الشبيبة الشيشبانية وهم يغنون ويلوحون بالجريد  زاد الجمع في الرقص واللوي والتهليل انه محل حبيبهم  دخل عليه ابنه عيس الذي قدم مع فرقة الشيشباني انه ابنه الذي جاء بعد مرض وعقم مدة "اربعطاش العام " والدكان الذي امامه يسكنه على زومة
خرجت منه مجموعة تتفرج من بينها الشاب على القبلاوي الذي اصبح ممثلا فيما بعد واعتقد انه استقطبه الفنان  لطفي بن موسى---- وهناك عددكبير من ابناء عمومته القادمين من الجبل للبحث عن عمل في طرابلس  ايههههههههه

نبي المدينة والطريق امزفت **عيني قدا لجبال ماتتلفت

 وبينما كان عمك الفقي يفتح في درج الطاولة ليأخد النقود كان هناك ضيفه وصديقه الفقي مسعود جالس بجواره واخاه الشيخ محمد وهوشاب وسيم  واحمر الوجه مكتنز الشفاه وخاصة الشفاه السفلى المتميز بها .  يرتدي بدلة رمادية اللون وعلى رأسه طاقية حمراء بالنوارة قدم  من الجزائر كان يدرس هناك في مدينة بني مزاب" فسأله  بلغتة الجبالية :ماك ساهت آبابا سليمان ؟اى بمعنى "كيف هكي
لم يجبه عمك سليمان  ولم يلتفت اليه حتى لا يلاحظ احد مايدور او يفهم شيء --واضاف اليه قائلا
تسند تشك متى نته غرنغ  : تسند بابنك ؤكان ايسل :
تعرف انت شن هو عندنا–اى يتحدث عن الشيشباني –ولو كان بوك يعرف؟
رد عليه وهو يخرج النقود
نتش داتوشغ الصدقة ليبوشيلين
انا اعطي الصدقة للأولاد فقط :وليس للشيشباني
لان اباه يرفض الشيشباني ويعتبره تمثيل برأس الحسين ابن علي رضي الله عنه بعد مقتله في كربلاء  
انتهى الحوار واعطي عمك سليمان ماكتب من النقود ووزع الحلوى على الاولاد فأغلبهم زبائنه – صحيت ياعمي الفقي
امشي اجيب اعطيه الصحة
وبشق  الروح مابين  الجموع المزدحمة دخلت المرأة الزنجية الى تهتم بمنزل عمك ظافر واخوته ----- واغلقت الباب ورائها.
رقص الشيشباني امام زنقة شلاكة ونوَر الزنقة بعروضه الجميلة
والناس تصفق له وتشجعه وهذا عمك  ساسي دغمان  وعمك غريبة الزواري قادما من باب الحرية وتصادف دخولهما الزنقة  مع الدق والهيصة والتلخبيصة  وحالتهما المادية مريحة  فعمك دغمان  موظف كبير في الضمان ويسكن مع اخيه منصور  والزواري عنده ادكاكين في الرشيد   اكرموهم ودخلوا الزنقة  ولحق بهم عمك حميدة  صاحب دكان  في باب الحرية ومعه  شاب  يتردد بين الحين والاخر على هذه الزنقة دخل عمك احميدة بيته واستأذن الشاب منه ووقف يتابع و يتأمل  في الوجوه ويدقق في رؤية تفاصيل الإحتفال -- ربما يضطر لكتابة مشهد او رواية  في المستقبل هذا الشاب الذي خلد زنقة اشلاكة  " وقاملها  سعدها -- بعد شلاكة ولت كندرة صدرة  - في كتابه "هذا ماحدث "د.على فهمي خشيم .وهذه الزنقة مسقط رأس الكاتب الكبير خليفة التكبالي ----

خرجت بنات الزنقة واولهم عروسة وعزيزة ونجية....الخ واولاد الزنقة  الصغار...  يونس وعبد السلام ونجمي  يشاركون في هذا الكرنفال بعد ان اشتروامن الباعة  اقنعة تنكرية وارتدوها  وهم فرحون بهذا الحدث البهيج
وقفت امرأة تريد المرور
تقدم الشيشباني امام الجامع وهو يصيح والمجموعة ترد عليه 
*****
يافقي سرحنا حط اعظامك في الجنة
كان السلم عاليا والباب مفتوح حتى تدخله البركة وتزوره في هذااليوم المبارك الملائكة   
قيزا قيزا حق القاز **عسكري والا منطاز
تسربلت الجموع امام -------دكا ن الصويح
وخرجت بنات من بيت الهمالي يتفرجن على الشيشباني وينتظرن مروره الى الامام حتى يدخلن الى زنقة اشلاكة وهن يغنين
هذا حوش خالنا ***هذا عز ادلالنا
العادة العادة الله لاتقطعلكم عادة بجاه النبي واصحابه
لقد امتلأت صحونهن القيشانية واردن ان  يفرغنها ويعاودن من جديد الطواف حول المنازل المجاورة في الأزقة القريبة  التي لم يدخلنها--- سقط صحن ربيعة على الارض وتناثر الفول والحمص فسرعت الشلة في جمعه لها وهي تبكي وتسكتها اختها بكلمات معسولة "معليش توة نغسلوه "
خرجت من بين الجموع عجوز كبيرة في السن وبيدها صحنين من الحمص والفول تريد ان تعطيه
بيدهاللشيشباني
 انها صدقة وان شاء الله مقبولة 
صاحت الفرقة 
شيشباني عبى احموله **وان شاء الله صدقة مقبوله
انها عمتي سالمة عبد الجليل الشقرونية التي كانت تسكن لوحدها في زنقة شلاكة ومن بقايا الامازونات الاخيرات تعشق الاستقلال والحرية . وترفض السكنى مع الأقارب,انها ابنة عم جدي ذات العيون الزرقاوية الواسعة 
هيا هيا هيا لاقدام اتقدموا ياولاد
كان هناك امام دكان عمي الصويح ساقي الماء ببدلته العنابية المذهبة الجميلة. وفي الركن بائع الحلوى يطرب صوته المستمعين ب--أغنيته التركيةالمعتادة ونصوع بياض حلوته المعجونةالملفوفة 
على عصاء مزخرفة تسيل اللعاب  عند رؤيتها وكان يبيعها  في فصل  الصيف امافي  الشتاء "مانقولكش عل البطاطة الحلوة الساخنة "يعطيه الصحة
ينادي ينادي وينادي ما ان رأى الشيشباني حتى توقف وتوقف الساقي وقدم لهم الماء مجانا بمناسبة عاشوراء
رد ح وشطح الشيشباني في الساحة المقابلة لزنقة الجمل بخطواته الوثابة وقفازاته السريعة وعصاته وهو يلوي ويبرم ويرقص ويرقص ويرقص ويبرم  بين الجموع انه بجد اختيار موفق فقد اطرب كثيرا المشاهدين وامتعهم والتحق عمورة واخاه وارسلت امرأة من بيت المرغني كمية من الفول صدقة على الصغار ان شا الله مقبولة
وهم يصفقون له تعيش ياشيشباني" كوشة الصفار"
قولوا امعاي ياصغار** تعيش كوشة الصفار
ووقف امام الدكان يغني
شيشباني بيتريح **سقد ياعمي الصويح
شيشباني فوق جمل –سقد يامولى المحل
 وبينما هما في اشد لحظات الاستعراض والكارتون قدم من باب الحرية يكاد المرء ان يعتصر والعرق يتصبب على الوجوه والأصوات تدوي في اعالي السماء  تخرج جماعة شيشباني  شباب "قوس الصرارعي" تختلط بهم امام الزاوية الكبيرة والمصلين يدخلون الى الزاوية لقد قرب اذان  صلاة العصرومازالت هناك جماعة بالداخل تنشد في اناشيدها الدينية  وتهلل بالعاشوراء ومن بينهم الشيخ "لامين بريون "قائد الفرقة  وبجواره عمك عمر نسيب عمك المختار الرقيعي  
انهم في ربكة وازدحمت والتحمت الناس خارج الزاوية واختلطت عليهم مجموعة اخرى من زنقة "الدباغ "وتعالت الأصوات وارتفعت لم يعد المرء ان يميز صوت من آخر   لقد تمازجت الاصوات واختلطت والتحمت الأجسام من "الضيق والتزرزيق"ونشف الريق ولم يعد هناك مجالا لرؤية اى شيء ---اى شيء -- فأرتفع صوت الاذان الله اكبر الله اكبر فساد الهدوءءءءءءءءءءءءقليلا --فصاح الحاج العريض الطويل -الى الوراء انتبهوا هناك اطفال صغار----- فرجعوا الاطفال الى الوراء وهو مازال يصيح  الرجوع الرجوع لقد ازدحمت الجموع ---تربحوا --الى الوراء الى الوراء الى الخلف،  ورجعت انا معهم الى الخلف  ذبة ذبة ذبة الى دكان ابي الفقي سليمان مادي والمكنى بالجبالي في شارع كوشة الصفار .ومحله الثاني "بشارع كندي "ومطعمه بجانب " الريال "
فتغمرني وقبلني وسألني هل اعجبك الشيشباني فأجبته بنعم انه يوم جميل وممتع سجلته في ذاكرتي لاقدمه لكم ولأحفادي تذكار
مع تحيات شاعرة المحكية جمعونة مادي الشقروني
وكل عام والجميع بخير